وقعت تحت يدي مقالةٌ اليوم .. أن فرنسا قبل خمسٍ وثلاثين سنةً ، أقامت في صحراء الجزائر الغربية ، تفجيراً نووياً ، وهذا التفجير النووي كما تعلمون ، لهيبٌ حارق ، أو ضغطٌ ماحق ، لا يبقي شيئاً ، لا نباتاً ، ولا حيواناً ، ولا إنساناً ، فجِّرت قنبلة نووية قبل خمسٍ وثلاثين عاماً في صحراء الجزائر ،وشكَّل هذا الإنفجار حفرةً كبيرةً جداً ، وشكَّل كرةً من النار تعلو مساحاتٍ شاسعة ، ثم فوجئ بعد نهاية الإنفجار ، وسكون الأرض وجدوا عقرباً يمشي في أرض الإنفجار .
عكف علماء الحيوان ربع قرنٍ على دراسة هذا العقرب ، فوجدوا أن العقرب يستطيع أن يبقى بلا طعامٍ ولا شراب ثلاث سنواتٍ متتالية ، ووجدوا أن العقرب يستطيع أن يكتم أنفاسه تحت الماء ، لمدة يومين كاملين، ووجدوا أنه إذا وضع في الثلاجة في درجة عشرة تحت الصفر، ثم نقل إلى رمل الصحراء المحرقة في درجة ستين ، يتكيَّف مع هذا التبدُّل الطارئ ، ثم وضع في حمامٍ من الجراثيم ، ذات الذيافين الفظيعة ، فلم يتأثَّر بها إطلاقاً وكأنه في حمامٍ بارد ، ثم عرضَّوه لأشعةٍ نوويةٍ تزيد ثلاثمئة ضعف عما يتحمله الإنسان فتحمَّلها ، شرَّحوه ، ليس فيه دم ، بل مصلٌ أصفر ، ماذا يعلِّمنا هذا ؟
يعلمنا أن الإنسان سريع العطب ، سبعةٌ وثلاثون درجة ، لايحتمل الأربعين ولا يحتمل الصفر.
أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون الإنسان حساساً ، كان من الممكن أن يكون الإنسان كهذا المخلوق ، فلا يتأثر بشيء ، ولا يمرض، ولكن المرض نافذةٌ إلى السماء تفتح على الإنسان ، مخلوقٌ صغيرٌ لا أحد يهتم ، له بل نقتله إن رأيناه ، يتمتع بهذه الحصانة ، في بؤرة الإنفجار النووي لم يتأثر ، وبقي يمشي .. معنى ذلك أن في المرض حكمةً تغيب عنا أحياناً ، كان من الممكن ، والله على كل شيءٍ قدير ، أن نتمتع بهذه الحصانة ، لا مرض ، ولا مستشفيات ، ولا ضغط مرتفع ، ولا قلب ، ولا رئتين ، ولا أورام ، ولا شيءٍ من هذا القبيل ، قالوا بحسب الكشوفات مضى على هذا العقرب خمسمئة مليون سنة ، حيوان صغير لا نعبأ به .
من كتاب " آيات الله في الآفاق"
د. محمد راتب النابلسي حفظه الله